أختطفت امرأتين من بلدة الدشيشة وهما سعدة الفيصل الهرماس وهند لطيف الخضير, وهما من مجلس بلدة الدشيشة, لتنهض الاعين على جريمة نكراء بحقهما, إذ تم اغتيالهما وبشكل علني امام مرأى ومسمع العالم رمياً بالرصاص, لتتبنى داعش هذه العملية بعد يوم من الحادثة, وعن هذا الموضوع حدثتنا العضوة في منسقية المرأة لشمال وشرق سوريا جورجيت برصومو.
لماذا قرر داعش استهداف المرأة العربية بشكل صريح في الوقت الحاضر؟
إن النساء العربيات في منطقة تل الشاير في الدشيشة تحدين العادات والتقاليد والمعتقدات البالية, إضافة للظروف الصعبة التي تقيد المرأة, فجاء استهدافهن بشكل ممنهج, لإرجاع المرأة إلى المنزل وإلى رحمة الرجل, وعدم السماح لها بالخروج والعمل وممارسة حياتها الطبيعية, إنما تبقى مسجونة داخل تلك العادات والتقاليد, وبهذا يتم حجب فكرها ووجودها.
ماذا يمثل هذا الاستهداف بالنسبة للنساء من المكونات الاخرى والمرأة العربية بشكل خاص خلال هذه الفترة؟
اننا كنساء في شمال وشرق سوريا وعلى اختلاف مكوناتنا إلى اننا عبارة عن امرأة واحدة, فنحن وإن كنا نتحدث عن المرأة العربية وندافع عنها هنا اليوم, فإننا ندافع عن النساء من بقية المكونات, وهذا الاستهداف للمرأة من المكون العربي, انما يهدف لزرع الخوف وغرس الرعب في صدر المرأة من كافة المكونات, فهذا الاستهداف لم يوجه بشكل خاص على المرأة العربية, وهذا ما ادركته المرأة من كافة المكونات, ونحن نعلم أن الهدف من هذا الاستهداف هو محاولة كسر المرأة العاملة والنشطة والمُفعلة, التي تحاول أن تبني مجتمع ديمقراطي.
ومن جانب اخر نرى أن هذا الاستهداف نخز في قلب كل امرأة, إذ أن اغتيال أي امرأة وتحديداً بهذه الطريقة الوحشية, يوضح العداء اتجاه المرأة العاملة التي تبني وطنها ومستقبلها.
هذا الاستهداف هو رسالة, فما هي هذه الرسالة؟
الحرب السورية مستمرة منذ فترة طويلة من الزمن, ولعل اكثر من حمل على عاتقه تبعات هذه الحرب هي المرأة, وفي مناطق شمال وشرق سوريا اضيف إلى الأزمة السورية عمليات الاحتلال, ومن خلال هذه العمليات الاحتلالية نشطت العصابات الارهابية التي حاولت وتحاول كسر اساس ومحور هذا المجتمع والذي يتمثل بالمرأة, فهم عندما يريدون القضاء على مجتمعنا فإنهم يعملون اولاً على كسر المرأة, كون المرأة هي الدعامة الاساسية للمجتمع, فإنهم يعتبرون مثل هذا الاستهداف عملية لكسر فكرها وارادتها ومحو قدرتها على اتخاذ القرارات, وهذه الرسالة وإن كانت قاسية فإننا نساء قويات قادرات على تحمل جميع الظروف الصعبة, ونحن وضعنا هذه الحقيقة نصب اعيننا.
الأحداث الأخيرة, هل هي ما جرت الاستهداف نحو المرأة العربية؟
إن المرأة العربية من اكثر النساء معاناة غالباً بين المكونات المتواجدة في المنطقة, باعتبارها الأكثر تقيداً بالعادات والتقاليد القبلية والعشائرية, مما جعل خروجها وعملها وحتى ذهابها إلى المدرسة من أجل التعلم, من الأمور الصعبة جداً, وهذا ما حصر المرأة لسنوات وقيدها, وبهذا تكون المرأة العربية هي من اكثر النساء معاناة عندما تطالب بحقها, وتعمل على اثبات نفسها لأن هنالك الكثير من الاعباء التي تقع على عاتقها.
ومن هذه المنطلقات يكون وجود المرأة العربية في أي مكان كان انما هو عبارة عن حافز وقوة لجميع النساء ومن جميع المكونات, وأي امرأة هي عبارة عن قوة لجميع المكونات من أي مكون كانت, ونحن دائما كنساء ايدينا في ايدي بعض من كل المكونات لأن هدفنا واحد وطريقنا واحد, ونحن لا نريد أن تنفصل المكونات عن بعضها, ولهذا نشجع المرأة العربية على ان تمكن نفسها وتعرف حقوقها وتسير على نفس الطريق معنا.
المرأة سابقاً استهدفت في الخفاء واليوم انتشر هذا للعلن, فهل هو انتصار أم هزيمة؟
طبعاً الاستهداف المجحف بحق النساء العربيات في تل الشاير, لم يلاقي الضجة الاعلامية التي يستحقها, ولربما كان الضعف في عملنا وتغطيتنا لهذا الحدث, ورغم ارسالنا العديد من الرسائل للخارج, لم نلاقي الا ردة فعل بسيطة من الدول التي شاهدت صورة هؤلاء النساء اللواتي تعرضن للقتل, فما تعرضت له هاتين النساء النشطين, لم يبرز بالشكل الامثل الذي يوضح معاناة المرأة في مناطقنا.
وانا ارى بروز دور ووجود المرأة في العديد من المؤسسات واللجان سواء كانت في سوريا أو خارجها, ولهذا كنت اتمنى أن يكون صدى اغتيال هند وسعدى اقوى واكبر, والتوجه الخارجي اعلى, وإن كانت الصورة قد برزت إلا انها لم تنقل حقيقة ما حدث.
ماذا يمثل اعتراف اميركا بالنسبة للنساء هنا بهذه الجريمة النكراء؟
إن اعتراف اميركا وادانتها لهذا العمل الاجرامي خطوة جيدة جداً, وهذا ما نسميه بنقطة ايجابية, إلا أن الاعتراف وحده لا يكفي, فيجب أن يكون هنالك محاسبة وتقارير تعطي مسحاً كاملاً لهذه المنطقة عن سبب الاستهداف والشخص الذي قام بهذا الاستهداف, وإذا لم يتم الحل والمحاسبة, سيكون اثبات لأن المرأة مستهدفة, وارجو أن يكون هنالك تقارير من هذا النوع.
ما هي الاجراءات التي يجب أن تتبعها الجهات المعنية بهذا الخصوص؟
بشكل عام هنالك قوانين تحاسب الكل بحسب جريمته, ولهذا يجب أن يحاسب الفصيل الذي ساهم في هذه الجرائم بحق المرأة, وتستطيع بالمقابل الدول التي تدعي انها ضامنة وموجودة في المنطقة لتحل الأمن والاستقرار أن تقف على هذه النقطة, وتحول الموضوع إلى محاسبة عبر ارسالها إلى الأمن الدولي, وتطبيق القانون بحق الفصائل الارهابية التي تستهدف المرأة أو الشبيبة, أو حتى أي فرد من ابناء المنطقة التي نتعايش فيها؟
إلى متى تستهدف المرأة وما هي الحلول لوقف هذه الاستهدافات المجحفة بحقها؟
استهداف المرأة امر طبيعي كونها العنصر الأقوى في المجتمع, وهي بطبعها لا تهدف إلى العنف ومسالمة بشكل دائم, وتعطي الحق للآخر للمحافظة على الأمن والسلام, وفي مناطقنا وصلت المرأة إلى مرحلة من الوعي لبناء هذا المجتمع الذي بات على حافة الانهيار, إذ أن الرجل حقيقة فشل في ادارته فشلاً ذريعاً بعد قيادته لعقود في المجتمعات, وحان الوقت للمرأة أن تنهض من بين الركام وتنتفض, ولهذا يجب على المرأة أن تقود المجتمع من الاسرة للوطن, لتستلم جميع مراكز صنع القرار, وتوعي نفسها وتوعي مجتمعها, فلا يمكن الخروج بالوعي إلا من خلال المرأة المثقفة, وهنا اعطاء الدور للمرأة لإثبات فكرها وارادتها.
وخطاب الكراهية عند المرأة ضعيف, فهي دائماً ودودة, ولهذا لا يخلق وعي وفكر المجتمع إلى من خلال فكر ووعي المرأة والمساوات بينها وبين الرجل, وهذا ما لا ترغب به الفصائل الارهابية والفكر الذكوري الذي لا يتنازل عن عرشه.
اخيراً, ما رأيك بوضع المرأة في شمال وشرق سوريا في كلمتك الاخيرة؟
عرفت عن نفسي بأنني ممثلة عن المكون السرياني في مجلس المرأة, ولكنني لا اتكلم بلسان المرأة السريانية فقط ولا بلسان المرأة العربية أو الكردية, انا كامرأة عانيت من كل ما عانت منه نساء المجتمع السوري, اطالب قانون الاحوال الشخصية والمنظمات النسوية إلى ما حققته المرأة في شمال وشرق سوريا, والذي لم تصل إليه بسهولة, فما وصلنا إليه الآن لم تصل إليه أي امرأة في العالم, فنحن تحدينا كل صعوبة بدءاً من الاغتصاب والانتهاك ووصولاً للموت, ولكننا سنصمد مهما حاولوا تحطيمنا.
وأي استهداف للمرأة من أي مكون هو استهداف لجميع النساء ومن جميع المكونات, ونحن نعتبر أن انفسنا اشجار مثمرة كون الشجرة المثمرة هي التي تضرب دائماً, ونحن نعلم علم اليقين أن الحقوق لا تأخذ إلى بالمطالبة والعمل.
هيلين محمد